موسوعة جبران خليل جبران العربية
طبعة الدار النموذجية 2013
576 صفحة
‎طار جبران وسما وارتفع في أجزاء الفضاء عالياً عالياً، وبغيته السما الأعلى والنجم الأسمى، ولكن لسوء حظه أصابته شواظ ثقافة الغرب المادي، رغم اشمئزازه منها، فهوى سريعاً إلى الأرض،
‎ولو أدرك السماء الأعلى لكان عبقرياً عالمياً يتخطى كل الحدود
‎اضطلع جبران برسالة اجتماعية إصلاحية غايتها بناء مجتمع مسالم تسوده العدالة والحب،
‎فحمل بكلتا يديه مطرقة الهدم وراح يحطم كل ما واجهه دون رحمة ومهادنة، يحمله الحماس ويطير به الأمل.
‎عمل على جعل الحب دينه وأسمى غاياته،
‎ولم يلتفت إلى ما سوف يؤول إليه هذا الحماس المفرط من تشقق المجتمع وتفكك عراه،
‎كما حصل في الغرب ويحصل الآن في مجتمعاتنا، فأدى ذلك إلى التفلت والانفلات الأخلاقي.
‎تنازعت جيران ثنائية لا تلتقي أبداً برأيه على صعيد الواقع،
‎فالموت والحياة والفقر والغنى،
‎والشقاء والسعادة.
‎وهو لم يحاول العثور على نقاط التلاقي بين هذين العنصرين من عناصر الحياة الملاتزمة،
‎فالمرء لا يعرف طعم الحياة إلا بطعم الموت،
‎ولا يعرف طعم الغنى إلا بتجره غصص الفقر،
‎ولا يتذوق طعم السعادة إلا بعد ابتلاع لقم الشقاء.
‎والسر في ذلك أنه لم يستوعب فكرة التكافل الاجتماعي الذي كفلته الفلسفة الاقتصادية الإسلامية القائمة على نظامي الصدقة والزكاة،
‎فلو عثر على نقطة الاتفاق هذه لساد المجتمع الذي يدعو إليه جبران روح الحب والسلام بين الغني والفقير والسعادة والشقاء والحياة والموت،